“بارع في الطهي ومتابع للمحقق كونان”.. زوجة الضيف تكشف أسرارا مثيرة!

كشفت زوجة القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام، محمد الضيف، أسرارا مثيرة عن حياته المحاطة بسياج من الغموض، خاصة فيما يتعلق بارتباطه بامرأة ثانية ومحاولات اغتياله وغيرها من الخبايا، كبراعته في الطهي ومتابعته لسلسلة المحقق كونان.
وكشفت غدير صيام، في حوار خاص مع الجزيرة نت، تفاصيل نجاة زوجها من محاولات اغتيال عدة، وتمكنه من التخفي والإفلات من قوات الاحتلال على مدار 30 عاما بعدما كان الهدف الأول لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويُعتقد أن الضيف هو أحد العقول المدبرة لعملية طوفان الأقصى التي نفذتها الفصائل الفلسطينية على المستوطنات يوم 7 أكتوبر 2023، لذلك فإن اغتياله يعتبر إنجازا كبيرا لجيش الاحتلال.
شخصية الضيف محاطة بالغموض، وارتبط اسمه دائما بالحذر والحيطة وسرعة البديهة، ولم يظهر منذ محاولة اغتيال فاشلة -من بين محاولات كثيرة- أواخر سبتمبر 2002 إلا في تصريحات ترتبط بعمليات عسكرية للمقاومة، آخرها عملية “طوفان الأقصى” فجر السبت 7 أكتوبر 2023.
وعادت “أم خالد” بذاكرتها لعام 1998 حيث بداية العلاقة التي نشأت بين محمد الضيف ووالدتها المناضلة الفلسطينية فاطمة الحلبي بعدما حصل منها على قطعة سلاح أخفاها شقيقها الشهيد عندها.
في صيف عام 2001 تزوج الضيف غدير التي دخلت مرحلة جديدة من الحياة تصفها بالمعقدة أمنيا، بسبب ملاحقة الاحتلال لزوجها، حيث استبدلت اسمها بمنى، وباتت تعرف بـ”أم فوزي” في إطار الإجراءات الأمنية التي اتخذها “منصور” وهو الاسم المستعار الذي أطلقه الضيف على نفسه بعدما تزوج بسرية تامة.
تقول غدير: “لم يكن زفافا عاديا، كان الضيف يمتلك ألف دولار فقط من قيمة المهر، وغابت جميع الأجواء الاحتفالية، واقتصرت المراسم على ذبح خروف للمقربين، ومنذ ذلك الحين لم يكن لنا بيت، ونتنقل من مكان إلى آخر من دون استقرار”.
تشير الزوجة إلى زهد زوجها في حياته، إذ لم يكن بمنزلها سوى 4 فرشات فقط ومفرش من الحصير، وخزانة بلاستيكية لثيابهما. وعندما أهداه الشيخ أحمد ياسين مبلغا ماليا بمناسبة زفافه تبرع به لكتائب القسام، وأهدى غرفة نوم قدمها له الشهيد صلاح شحادة لشاب آخر كي يستطيع إتمام زواجه.
كانت تدّعي أمام الناس أن زوجها مغترب، وذلك لتبرير وجودها وحدها، مضيفة: “معظم اللقاءات مع زوجي تكون خارج المنزل الذي أقيم فيه، وكثيرا ما يغيب أسابيع من دون تواصل لا سيما إذا طرأ تدهور على الأوضاع الأمنية مع الاحتلال”.
مرت زوجة الضيف في كثير من الأحيان بإجراءات أمنية معقدة وتعصيب عينيها، ونقلها من سيارة إلى أخرى، ومن منطقة إلى ثانية، كي تتمكن من رؤيته.
تزوج الضيف بثانية في عام 2007 بإلحاح من والدة زوجته الأولى بعدما لم يكتب له الإنجاب من ابنتها حتى ذلك الحين ورزق بـ4 أطفال، ومن ثم جاءت اللحظات التي فرح فيها بحمل زوجته الأولى بـ3 توائم.
تكشف أم خالد عن محاولات عدة لاغتيال زوجها أصيب في اثنتين منها؛ الأولى عندما استهدفت قوات الاحتلال سيارته في شارع الجلاء وسط مدينة غزة في سبتمبر 2002 وفقد على إثرها عينه اليسرى، والثانية باستهداف منزل في عام 2006 أسفر عن إصابته بحروق شديدة وكسور في الظهر تسببت في صعوبة مشيه.
تعلمت أم خالد أساسيات التمريض بعد إصابة زوجها وتحولت إلى ممرضته الخاصة التي تعالجه وتقدم دواءه وحقنه في أوقاتها.
تؤكد أم خالد أن الضيف الذي أنهى دراسة البكالوريوس في تخصص الأحياء بالجامعة الإسلامية حثها على استكمال دراستها، وعندما وجدت صعوبة في مراجعة مادة اللغة الإنجليزية في اختبارات الثانوية العامة، أشرف على وضع ما وصفته “خطة نجاح” لتجاوزها الامتحان، وقدم لها دليلا للأسئلة والإجابات.
كان الضيف بعيدا عن المناسبات العائلية، فلم يشارك في دفن زوجته الثانية وطفليه، ولم يشهد عزاء والده ووالدته اللذين توفيا قبل سنوات، وغاب عن شهود ولادة أطفاله جميعا على خلاف المعتاد لدى الآباء.
تقول أم خالد: “يقتنص الضيف الفرصة لإدخال الفرحة على أطفاله، وتعويضهم جزءا من غيابه عنهم، واعتمد الاحتفال بعيد ميلادهم جميعا بيوم واحد، عندما يتيح وقته فرصة للالتقاء بهم”.
ولفتت إلى أنه في بعض الأوقات كان يصل غياب زوجها عنها إلى أكثر من 50 يوما، وذلك عندما كانت التهديدات الأمنية عالية، لكنها أكدت “لم يتنكر أبو خالد كما كان يشيع الاحتلال، ولم يغير في هيئته”.
أوصى الضيف أبناءه بحفظ القرآن، وأشرف على مشروع مماثل لعناصر كتائب القسام، وحفزهم على التنافس فيما بينهم لإتمام حفظ كتاب الله وفهم معانيه والعمل بها.
واستذكرت أم خالد لحظات فارقة في حياة الضيف، وسردت أكثر اللحظات حزنا التي مرت به عندما سحلت قوات الاحتلال المرابطات المقدسيات في باحات المسجد الأقصى، وكثيرا ما شعر أنه أمام حمل ثقيل جدا عندما هتفت الجماهير له “حط السيف قبال السيف، احنا رجال محمد ضيف”.
لحظات أخرى أصابت الضيف بالحزن عندما استشهد القيادي في كتائب القسام ياسر طه في صيف عام 2003.
على النقيض، لم تر أم خالد زوجها سعيدا كما كان لحظة خروج الأسرى في صفقة وفاء الأحرار عام 2011، حينها قال “اليوم أحيينا أناسا ميتين”، ورغم كل ذلك، ترى أنه عاش بسيطا بعيدا عن الرفاهية، يحب الأكلات المتداولة من الملوخية والفاصولياء والبامية والرمانية، ويبرع في طهو “المجدرة”.
وأضافت: “كان لاعبا جيدا لكرة القدم متابعا لكأس العالم، مشجعا برشلونيا وأهلاويا، ويتابع المحقق كونان”.
حمل الضيف على عاتقه خدمة الفقراء، وذات مرة تابع بنفسه علاج سيدة فقيرة مريضة بالسرطان رغم انشغالاته، حتى أتمّت علاجها في الخارج، وكان يخصص الجزء الأكبر من راتبه الشهري للمحتاجين وأشرف في عام واحد على ترميم 270 منزلا للفقراء من عامة الناس بدعم من كتائب القسام، ومع ذلك غادر أبو خالد دنياه لا يملك منزلا، بحسب زوجته.
كان آخر عهد أم خالد بزوجها يوم السادس من أكتوبر 2023 قبل انطلاق معركة طوفان الأقصى بساعات، عندما قال: “يجب أن نؤدي الواجب تجاه الأسرى والمسرى”.
كان الضيف يتمنى أن يشهد تحرير المسجد الأقصى ويتخذ بيتا له في المدينة المقدسة، واجتمع عليه كل ما عاناه الشعب الفلسطيني من أسر وإصابة وفقدان الزوجة والأبناء، ومن ثم الشهادة، كما تقول أم خالد.
عكفت زوجة الضيف خلال سنواتها التي قضتها معه على توثيق مسيرته الجهادية، وكانت تحاوره في قضايا “الظل” التي لم تكن ظاهرة للعيان، وقريبا ستكشف عنها في كتاب يروي تفاصيل 30 عاما من المقاومة.
أول ظهور لزوجة الضيف وأولاده من داخل “القصر” الذي تحدث عنه الاحتلال!
وبعد الإعلان عن استشهاد محمد الضيف، أطلت زوجته وأولاده لأول مرة من داخل مركز للإيواء، ليدحظوا روايات الاحتلال بشأن حياة البذخ التي كان يعيشها داخل قصر، هو وغيره من قادة حركة حماس.
وتداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي مقطعا مصورا، لعائلة الضيف المكونة من زوجة و3 أبناء، عاشوا في الظل بأسماء وهمية لسنوات وتم رصدهم أخيرا بعد استشهاده، داخل مدرسة مستخدَمة مركزًا للإيواء، يقيمون فيها منذ زمن، وليس في الأنفاق أو القصور كما زعم الاحتلال دائما.
وتشارك عائلة الضيف آلاف الفلسطينيين مرارة النزوح والجوع والقصف، حيث تحدثت الأسرة عن مسيرة أبو خالد وذكرياتهم معه، ووصيته الأخيرة التي تجسدت في أبنائه وأحفاده.
واستذكرت أم خالد مسيرة زوجها النضالية التي امتدت لنحو 3 عقود، قائلة: “أبو خالد هو أيقونة الشعب الفلسطيني ورافع راية الإسلام. استشهد في خان يونس مسقط رأسه، لكن عزاءنا أنه نال الشهادة بعد سنوات من المرض والجهاد”.
وأضافت: “في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول)، كان أبو خالد يخطط وينفذ عملية طوفان الأقصى، وهي ذروة مسيرته الجهادية”.
وعن تواجدهم في مراكز الإيواء، أكدت أن هذه حياتهم قبل الحرب وبعدها، مشيرة إلى أن الشهيد عاش كأي جندي في الكتائب، مكرسا حياته لـ”إعلاء كلمة الله واستعادة القدس”.
وتابعت: “عشنا على حصيرة قبل وما بعد الحرب .. لم يكن أحد يعلم أسماءنا الحقيقة، وكنا نستخدم أسماء مختلفة، وهذا أول ظهور إعلامي لنا وهيكم زي ما انتو شايفين والحمد لله زينا زي الناس، وبجوز أقل”.
وتحدثت عن زواجها من الشهيد في 24 جويلية 2001، وأشارت إلى أنه لم يكن هناك احتفال وعرس، وأن الضيف كان نعم الزوج والأب والصديق، وأن لا أحد كان يعلم بأنها زوجته، وكانت تُعرف باسم أم فوزي، وأم حسام وأسماء أخرى.
وذكرت أن زوجها كان صوّامًا قوّامًا، يصوم يومي الاثنين والخميس والأيام البيض من كل شهر، وكان دائمًا يسمع القرآن، ويُجلسهم يوم الجمعة ليفسر لهم الآيات.
وتابعت أم خالد وبهاء وخديجة إنها عازمة على إكمال درب زوجها.
من جانب آخر، نعت والدة زوجة الضيف التي استشهدت عام 2014، القيادي الفلسطيني البارز، مشيرة إلى أنه “كان يبرها وكأنها أمه”.
وقالت: “باسمي وباسم كل أحرار أهل غزة وباسم أحرار العالم العربي والعالم الإسلامي جميعا، أتقدم ببالغ الحزن والأسى على فقدان هذا الرجل العظيم، شهيدنا البطل أبو خالد الضيف”.
وأضافت في حديثها عن تعامل الضيف معها: “كانت علاقتي فيه بمنزلة أمه. أنا أم زوجته صح، لكنني كنت أشعر البر منه كأنني أمه”، وتابعت: “كانت علاقته بنا كأننا أهله، حتى فقدان ابنتنا لم يحرمني من أبناء ابنتي”.
وأردفت: “أبو خالد كان نعم الرجل ونعم الابن. كان رجلا من زمن الصحابة. والله لن أرى في حياتي رجلا مثل هذا الرجل، حتى لو عشت ألف مرة”.
ومساء الخميس، أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، استشهاد قائدها العام محمد الضيف و6 من أعضاء مجلسها العسكري، خلال معركة طوفان الأقصى.
من تكون وداد عصفورة؟
في مارس 2024 كشفت كاتبة فلسطينية شهيرة معلومات عن “وداد عصفورة”، زوجة محمد الضيف، المطلوب الأول لدى تل أبيب، والذي كانت تلاحقه أجهزتها الأمنية والعسكرية منذ نحو 3 عقود.
وقالت الكاتبة والروائية نردين أبو نبعة عبر أمواج إذاعة حسنى الأردنية إن “وداد عصفورة” امرأة استثنائية لم تجمعها صورة مع زوجها ولا زيارة، ولا حتى بيت، إذ كانا يلتقيان في كل مرة في بيت مختلف بسبب مطاردة الاحتلال له، ولم يكن مسموحا لها باستعمال الهاتف ولا حتى وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضافت: “هي لم تتخيل يوما أن تكون زوجة الرجل المطارد الأول، حتى أهلها في العمارة التي يسكنون فيها لم يعلموا بهوية زوجها حتى استشهدت”، لافتة أن الضيف احتواها كونها أرملة وأم لثلاثة أطفال ولم يكن يناديها باسمها وإنما “أم بكر”، واعتبر أولادها أولاده.
وتابعت: “أنا لم أكن أعرفها شخصيا ولم ألتق بها ولكني قابلت أختها إيمان عصفورة وعندما استشهدت عرفت الرابط بينهما، بحيث لما استشهدت وداد عصفورة كتبت الصحفية هديل عطا الله مقالا عن هذه المرأة التي عرفت يوم استشهادها، إذ لم يكن أحد في غزة يعرف من هي زوجة محمد الضيف”.
وأوضحت نردين لأخت وداد عصفورة أنها تريد أن تكتب عن زوجات الشهداء وطلبت منها أن تروي لها معلومات عن أختها الشهيدة زوجة الرجل الأول في كتائب القسام، وكان من ضمن ما أخبرتها به أن والدتها هي من خطبت الضيف.
وأردفت: “الضيف كان متزوج لمدة 15 عاما وزوجته لم تنجب وكانت تقوم بعمليات أطفال الأنابيب وكان فيه جلسة نسائية عادية فقالت أم وداد والله لو عندي بنت لأزوجو اياها.. هي ليس لديها بنات كلهن متزوجات إلا واحدة ترملت حديثا هي وداد، فكان من بين النساء من نقل الكلام لمحمد الضيف فحدثت الخطبة”.
وواصلت: “قالت الأم “غبة من السبع ولا النذل كلو” يعني أن تتزوجي رجلا بأتم معنى الكلمة ولو ستعيشين معه أياما معدودة، أفضل من أن تعيشي العمر كله مع الأنذال.. ويوم استشهاد زوجها السابق كان أهلها يقولون لها قولي اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها لم تكن تستطيع النطق، كانت تقولها في صدرها ولكن لا تستطيع الكلام”.
ولدت “وداد مصطفى حرب عصفورة” في 4 نوفمبر 1986، لأسرة تقطن في مخيم “جباليا” للاجئين شمال قطاع غزة، وحسب مصادر مقربة من حركة حماس، فإنها كانت أرملة لقائد ميداني في كتائب القسام، يدعى بلال أبو قصيعة، قتل في ماي 2006، حينما كان يبلغ من العمر (25 عاما).
تزوجت عصفورة من الضيف عام 2011، وسط اجراءات أمنية مشددة للغاية، وعانت من الوحدة والعزلة إلى جانب “الخوف من المصير المحتوم”، نظرا لأهمية الرجل الذي ارتبطت به والذي يعتبر الهدف الأول لجيش الاحتلال.
ويوم استشهادها في أوت 2014 كشفت مصادر مقربة من “حماس″، أن “وداد” التي كانت تبلغ آنذاك 28 عاما، أنجبت بنتين للضيف، إلى جانب ابنها “علي”، الذي استشهد معها وهو ابن 7 أشهر فقط.
وسبق أن عملت عصفورة باحثة ميدانية، في جمعية “النور”، المختصة في رعاية “الأسرى والشهداء”، أما بخصوص زوجها “محمد الضيف”، فهو من مواليد العام 1965، لأسرة فلسطينية لاجئة استقرت في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة.
بدأ نشاطه العسكري في أيام الانتفاضة الأولى، حيث انضم لصفوف “حماس″ في 1989، وكان من أبرز رجالها الميدانيين، فاعتقلته إسرائيل وقضى في سجنها سنة ونصف دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري لحماس.
وانتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة “القسام” في قطاع غزة، ومكث فيها فترة من الزمن، وأشرف على تأسيس كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس.
