دار نشر فرنسية تنشر رسائل ألبير كامو المعارضة لإعدام فرنسا لمناضلين جزائريين

قامت دار غاليمار بنشر رسائل للكاتب الفرنسي ألبير كامو تعود إلى الخمسينيات كان يعارض من خلالها عقوبة الإعدام التي كانت تصدرها السلطات الفرنسية بحق المناضلين الجزائريين في سبيل استقلال الجزائر.
ويشكل نشر رسائل ألبير كامو (1913-1960) الذي كان مقرراً منذ أشهر مصادفة غريبة ولافتة مع استمرار وسائل الإعلام الفرنسية الاهتمام بقضية الكاتب الفرنسي المتصهين بوعلام صنصال، الموقوف حالياً في الجزائر بتهم عديدة منها المساس بأمن الدولة والتي قد تصل عقوبتها للإعدام.
وقد عُثر على هذه الرسائل في مجموعة نصوص سياسية كتبها ألبير كامو آواخر الخمسينيات بعنوان “أكتويل 4” (“Actuelles IV”)، نشرتها دار “غاليمار” الخميس وشاركت في إعدادها ابنته كاترين كامو.
وفي كتاب “أكتويل 4” والواقع في حوالى 500 صفحة، يمكن قراءة فقرات بعنوان “ضد عقوبة الإعدام (تونس، الجزائر، إيران)” و”إضافات حول عقوبة الإعدام” تتعلق بمسقط رأس كامو حيث وُلد خلال فترة الاستعمار الفرنسي بقرية الذرعان بولاية الطارف في أقصى شرق الجزائر، فيما تظهر هذه الكتابات تعلقا كبيرا لدى الكاتب الفرنسي الحائز على جائزة نوبل لعام 1957، بالجزائر التي كانت منهمكة في حرب الاستقلال آنذاك ولسنوات طويلة
وكان مؤلف رواية L’Etranger (“الغريب”) قد عاصر في زمانه إعدامات عدة. ففي جويلية 1956، كان المناضلان من أجل الاستقلال أحمد زبانة وعبد القادر فراج أول من أُنزلت بحقهم عقوبة الإعدام بالمقصلة خلال حرب الجزائر. وتبعهما آخرون، بينهم الفرنسي فرنان إيفتون في فيفري 1957، أين ناشد كامو في أكتوبر 1957 رئيس مجلس الوزراء آنذاك غي موليه باتخاذ “مواقف كريمة” تجاه المحكومين، أي العفو عنهم.
وفي ديسمبر من نفس السنة، كتب كامو إلى رئيس محكمة الجنايات في باريس “أنا، بقناعتي المنطقية، أعارض عقوبة الإعدام بشكل عام”. وأضاف “أنا معارض لأطروحات وتصرفات جبهة التحرير الوطني”، وهي حركة كانت ناشطة من أجل استقلال الجزائر. لكنه رأى أن أحكام الإعدام “من شأنها أن تزيد من تقويض الأمل في التوصل إلى حل”.
وقد أثارت مواقف كامو بشأن عقوبة الإعدام جدلا. في سبتمبر 2023، قال الأكاديمي الفرنسي الأميركي أوليفييه غلوغ في مقال بعنوان “نسيان كامو”، إن الفيلسوف كان استنسابيا: ففي بعض الأحيان، قدّم نفسه على أنه مؤيد لإلغاء عقوبة الإعدام، وفي أحيان أخرى ظل صامتا عندما طلب منه البعض التنديد ببعض أحكام الإعدام. وما يزال التساؤل قائماً عمّا إذا تدخّل كامو لصالح الشيوعي فرنان إيفتون أم لا، أما بالنسبة للباحث الفرنسي فنسان دوكلير الذي شارك في إعداد هذه الرسائل للنشر فإن “كامو لم يتخلّ عن الدفاع عن الحرية في الجزائر، أي عن إمكانية الاحتمال الطوباوي للغاية بانتهاء الحرب والتصالح بين مكونات المجتمع الجزائري آنذاك”.